اخبار منوعة

اخبار الارض المحتلة

اخبار وطنية

أنتم، هم… نحن اليوم وغدا بقلم خديجة حمدي

في مقاله” الآخرون هم نحن غدا” أكد الدكتور المثقف الجزائري واسيني الأعرج “كما كان دائما” رؤية سياسية وثقافية رائدة في معالجة حكيمة لمغرب كبير ظل حلما يساور الشعوب المغاربية العميقة بتاريخها النضالي، والغنية بتنوعها الثقافي، الذي يجعل من هذه المساحة الشاسعة الممتدة من لقويرة بجنوب الصحراء الغربية إلى أبعد نقطة من حدود ليبيا  الشرقية .
فسيفساء رائعة الجمال تنصهر فيها الألوان بأهازيج الأمازيغ المختلفة بأصوات العرب القادمة من عمق التاريخ، لكن الدكتور تطرق بوعي إلى أهمية التكامل الإقتصادي الذي هو عنوان القوة لتكتلات دولية وازنة كالإتحاد الأوروبي، وهو مايسعى إليه الإتحاد الإفريقي حاليا عبر ميكانيزمات متخصصة عله يحقق حلم افريقيا في التنمية المستدامة أمام كثرة خيراتها وعجز انظمتها عن حكم راشد يطلق العنان لقدرات هائلة تزخر بها قارتنا إقتصاديا وبشريا.
لقد ذكر الدكتور أنظمة المغرب العربي بوضعها الراهن قبل أن يذكر شعوبها، بتاريخ تضامني عظيم إبان الإستعمار  الفرنسي والايطالي، كيف استطاعت حركات التحرر المغاربية وبالتأكيد الجزائرية حيث كانت الأبرز من حيث الكفاح البطولي وقوائم الشهداء والضحايا والثمن الباهض الذي دفعه الجزائريون دفاعا عن الأرض والعرض، ذلك لاينسينا نفي المغفور له محمد الخامس في مدغشقر، ومقاومة الشعب المغربي الشقيق لفرنسا، من ينسى المهدي بن بركة وكل الشرفاء المغاربة الذين قاوموا الإستعمار الفرنسي، لكنهم قاوموا بطش الديكتاتوريات الملكية عندما كانت أجسادهم الشهيدة تورق أزهار تازمامارت، من ينسى عائلة أوفقير والبوركات والسرفاتي والقائمة طويلة.
هل يمكن أن نتجاهل تاريخ عمر المختار في ليبيا، أم تاريخ الأحرار في تونس، أم تاريخ موريتانيا التي تشهد بالتأكيد على إمتزاج الدم الصحراوي والموريتاني في أكثر من معركة ضد فرنسا.
نعم – يادكتورنا الكريم- لقد أصبت عندما طلبت التأني لمراجعة واعدة لهذا المغرب العربي والأمازيغي الكبير مهما كانت الخلافات القديمة الجديدة دون المساس بحق أي شعب في الحياة.
لايمكن لهذا المغرب الكبير الذي ننشده أن يمشي إلى الأمام ودماء شعب – هو أحد مكوناته – تراق لحد اللحظة هدرا أي الشعب الصحراوي المكافح من أجل حقه في تقرير المصير والإستقلال.
إن المغرب الكبير الذي نحلم به جميعا صحراويين، جزائريين، مغاربة، موريتانيين، تونسيين وليبيين، مغرب أساسه الحرية لا القهر، الديمقراطية لا التسلط، حقوق الإنسان لا إنتهاكها، مغرب نذوب فيه جميعا كرماء دون إقصاء أو إحتقار، بوعي شامل بأهميته دون أنانية أو شوفينية.
مغرب كبير، نصنع فيه التكامل الإقتصادي على أسس علمية مدروسة تجعل الجميع يساهم لسد رمق من يجوعون فيه اليوم  بلا مبرر، ننزع مظاهر التوسل من طرقات المدن الباذخة المتناقضة بين عز الثراء والفقر المدقع، نضمن التعليم للساكنين البدو كما للحضر، نضمن العلاج لكل من يستحق. مغرب لايموت فيه الأطفال أمام عجزنا عن تلقيحهم، ولا تموت فيه النساء الحوامل تحت وطأة الأنيميا القاتلة. مغرب شاسع لكل واحد فيه الحق في سكن لائق ومحترم.
نعم بفوسفاط الجمهورية العربية الصحراوية وثرواتها السمكية، وغاز الجزائر وليبيا ومنتوجات الخضر بالمغرب وتجربة تونس السياحية وثروة موريتانيا بالحديد والسمك أيضا، نستطيع إعطاء العالم نموذجا يحتذي به في التكامل والتعاون الإقتصادي، لكن وهذا هو الأهم في التسيير المشترك لهذه الثروة على أساس الشفافية، فشعب المغرب الكبير كي لا أقول شعوبه هم المستفيد الأول من خيراته كما لهم الحق في معرفة ميزانياتهم ومداخيلهم.
أكد الدكتور واسيني الأعرج على أهمية دور المثقفين وحملهم مسؤوليات كبيرة كي لايصبوا الزيت على النار محذرا من الإنزلاقات المتوقعة، وبالفعل، فالمثقفون هم بالضرورة المعبر الأول عن أحلام وطموحات شعوبهم، فسواء أكانوا كتابا أو مبدعين من أي صنف، لايجب أن يتناقضوا مع ضمائرهم وعقولهم، للمثقف ضمير قد لايكون عند السياسي، وله بصيرة متقدة هي بوصلة إبداعه.
فنحن عندما نكتب، حتى وإن كنا سياسيين – فإننا نتجرد من الألقاب الإجبارية، فيظهر الكاتب على سجيته، وعندما نرسم لوحة أو نخرج مسرحية أو حتى عندما نغني، فإننا نحس بأننا نقدم رنين أرواحنا عربون صدق لكل الآخرين الذين هم نحن.
متى يلتقي المثقفون المغاربيون كي يضعوا خارطة طريق صادقة تعطي للحكام إمكانية التنازل عن الأخطاء السابقة والتي لايجب أن تكرر.
المثقفون هم الأكثر قدرة على تصور مغرب كبير خالي من جدارات الذل والعار كذلك الذي يقصم الصحراء الغربية من خاصرتها يحصد أرواح الأطفال والنساء والرجال والحيوان يوميا على ضفتي الوطن الممزق.
مغرب كبير بحجم آمالنا المزركشة بألوان قزح لاعنصرية فيه على أساس الدين أو اللهجة أو التقاليد والعادات التي هي إختلافنا الجميل لكنها إنسجامنا الأبدي لنكون أو لانكون. فهذه الهوية التي تميزنا هي عنواننا جميعا، وهي بالفعل عنصر قرابتنا كي نظل من بعضنا.
بقلم :خديجة حمدي