اخبار منوعة

اخبار الارض المحتلة

اخبار وطنية

ظلم ذوي القربى أشد مضاضة ...

"إن الظلم  أينما كان يهدد العدل في كل مكان". مارتن لوثر كينغ ...

لم يكن اختياري لمقولة مارثن لوثر كينغ كمدخل لمقالتي هاته  اعتباطا أو ترفا فكريا ،بل هو نتيجة إيماني الشديد بقواسمها المشتركة ارتباطا باختفاء بل "اخفاء" والدي البروفسور الخليل احمد ابريه، فما تمارسه سلطة البوليزاريو  هو ظلم بين في حقه أولا، و هو الذي أعطى الكثير، و ساهم بمعية شرفاء رفاقه المناضلين الصحراويين  في إرساء دعائم الدولة "الجبهة  الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب "ولطالما اعتبر العلبة السوداء لقيادة الدولة ، و تاريخ مناصبه و مسؤولياته  التي تقلدها كفيلة بتبيان وزنه وقيمته الفكرية و السياسية على حد السواء،  أما أبشع مظاهر الظلم فهي  استمرار المماطلة في الكشف عن مصير و هو ظلم ثاني في حق أبناءه و زوجته و أسرته وعائلته و أهله.
لعل النقاشات التي أثارها مقالي الأول المعنون ب " الخليل احمد بين الحقيقة المفقودة والمصير المجهول"، أن يكون الدكتور احمد ابريه قد تعرض لمحاكمة عسكرية وهو شيء لا يمكننا تأكيده أو نفيه لأن و بباسطة قيادة الجبهة لم تبلغ  أسرته و ذويه بفرضية محاكمته بل تكلف نفسها حتى إصدار بيان تؤكد فيه أو تنفي هاته الفرضية.
 إن إقامة العدل في أي دولة لا يستقيم دون احترام حقوق الإنسان، و التي يعتبر الحق في المحاكمة العادلة أهمها و أبرزها، و يقصد بالمحاكمة العادلة  مجموع القواعد التي تعكس مضامينها نظاما متكاملا ﻴﺘوﺨﻰ صون كرامة الإنسان و حرياته الأساسية، فضوابط المحاكمة العادلة تأتي لضمان تقيد الدولة عند مباشرتها لسلطاتها في سبيل فرض وصون النظام الاجتماعي الأغراض وهو ذاته الهدف النهائي للقوانين العقابية التي يتنافى أن يكون المتهم هدفا مقصودا لذاته !!!! .
 و منه فالحق في المحاكمة العادلة، أحد المبادئ واجبة التطبيق في كل أرجاء العالم التي اعترف بها "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" قبل خمسين عاماً، ومازال يمثل حجر الأساس في النظام الدولي لحقوق الإنسان.
لقد غذى هذا الحق  التزاماً قانونياً واقعاً على جميع الدول. وقد أعيد التأكيد عليه  في  مجموعة من المعاهدات الملزمة قانوناً مثل "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة  1966. كما جرى الاعتراف به والنص عليه في الكثير من المعاهدات، وغيرها من المعايير، التي لا تندرج تحت بند المعاهدات الدولية والإقليمية التي اعتمدتها الأمم المتحدة والهيئات الحكومية الدولية الإقليمية.
فإذا افترضنا جدلا أن الخليل احمد قد حوكم و هو بصدد قضاء عقوبته المقررة الآن ،فإن "محاكمته"، تفتقر إلى الضمانات التي كفلتها المواثيق الدولية و التي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ الحق في عدم القبض عليه أو الاعتقال التعسفي :
ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على عدم جواز القبض على أحد أو اعتقاله تعسفا و على رفض حرمانه  من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون و قد ذكرت اللجنة المعينة بحقوق الإنسان أن عنصر "التعسف" لا يعني فقط أن الإجراء "مخالف للقانون" بل يجب تفسيره تفسيرا أوسع مثل عدم اللياقة و الظلم و عنصر المفاجأة .
وهذا على عكس ما حدث للخليل احمد أبريه الذي اختطف في الجزائر في ظروف غامضة و مفاجأة أبعد ما تكون عن الإنسانية  وأقرب ما تكون إلى الظلم .
2 ـ حق الشخص المحتجز في الإطلاع على المعلومات الخاصة به :
يجب إبلاغ كل من يقبض عليه أو يحتجز فوراً بأسباب القبض عليه أو احتجازه، وأن تتلى عليه حقوقه.
3 ـ المادة 9 من العهد الدولي :
"يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه، كما يتوجب إبلاغه سريعاً بأية تهمة توجه إليه."
4 ـ المبدأ 10 من مجموعة المبادئ :
"يبلغ أي شخص يقبض عليه، وقت إلقاء القبض، بسبب ذلك، ويبلغ على وجه السرعة بأية تهم تكون موجهة إليه."
5 ـ المبدأ 11 (2) من مجموعة المبادئ :
"تُعطى على وجه السرعة للشخص المحتج ومحاميه، إن كان له محام، معلومات كاملة عن أي أمر بالاحتجاز وعن أسبابه."
6 ـ الحق في إبلاغ أسرة المتهم بنبأ القبض عليه :
من حق كل شخص إبلاغ  أسرته بنبأ القبض كما  يجب تمكينه من كافة التسهيلات للاتصال بذويه و تلقي زياراتهم .
7 ـ القاعدة 92 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء :
"يرخص للمتهم بأن يقوم فورا بإبلاغ أسرته نبأ احتجازه, ويعطى كل التسهيلات المعقولة للاتصال بأسرته وأصدقائه وباستقبالهم, دون أن يكون مرهونا إلا بالقيود والرقابة الضرورية لصالح إقامة العدل وأمن السجن وانتظام إدارته" .
منذ اختطاف الخليل احمد منذ سنة 2009 لم نتلقى خلال فترة اختطافه إلى لحظة كتابتي لهذا المقال أي بلاغ عن اعتقاله أو محاكمته و لم يتمكن احد منا من زيارته و تفقد أحواله ـ بإستثناء زيارة يتيمة لشقيقي ـ رغم زخم المحاولات التي أجهضتها قيادة البوليزاريو.
8 ـ الحق في الحصول على محام :
لكل شخص يُحتجز، أو يُحتمل أن تُنسب له تهمة، الحق في الحصول على مساعدة من محامٍ يختاره لحماية حقوقه ومساعدته في الدفاع عن نفسه. وإذا كان غير قادر على دفع النفقات اللازمة لتوكيل محامٍ، فيتعين انتداب محامٍ كفءٍ مؤهل للدفاع عنه.
9 ـ المبدأ 5 من المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين :
"تضمن الحكومات قيام السلطة المختصة، فوراً، بإبلاغ جميع الأشخاص بحقهم في أن يتولى تمثيلهم ومساعدتهم محام يختارونه لدى إلقاء القبض عليهم أو احتجازهم أو سجنهم، أو لدى اتهامهم بارتكاب مخالفة جنائية".
10 ـ الحق في سرعة إجراء العدالة :
لقد دأبت المواثيق الدولية على التأكيد على حق المتهمين في المثول أمام قاض خلال فترة وجيزة و هو ما يكمن أن يستشف من مضمون المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية  "على أن كل مقبوض عليه أو  محتجز يجب أن يحال سريعا إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مياشرة وظائف قضائية وأن يكون من حقه أن خلال مدة معقولة أو أن يفرج عنه".
وهاته بدورها واحدة من الحقوق التي لم يمكن الدكتور الخليل احمد ابريه يتمتع بها حيث أن مدة اختطافه تعدت الخمس سنوات، فيما لا يزال المسؤولين يلبسون عباءة الصمت و الظلم في حقه و حق أسرته.
إن الحقوق السالفة الذكر هي حقوق عامة  مجردة يمكن منها القتلة و المرتشين ناهبي الأموال و المفسدين عامة دون قيود فكيف لهذا العلم الصحراوي أن يحرم منها؟ و بأي ذريعة سيتشدق هؤلاء؟.
إن ملابسات اختفاء الوالد، بهذا الغموض وهذا الحياد السلبي من جانب صفوة قومه يثير أكثر من سؤال لماذا يختطف في الجزائر العاصمة وليس تيندوف؟ لماذا يستمرون في المماطلة عن كشف مصيره بعد 5 سنوات و إلى غاية الأن ؟ لماذا لم يصدر إلى حدود الساعة بيان رسمي يؤكد أو ينفي فرضية الإعتقال؟  لماذا هذا السكوت غير المبرر من جانب الجميع ؟ .
لماذا و لماذا و لماذا ؟؟؟.
 صدق طرفة بن العبد حين قال في معلقته الشهيرة :
وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً ...عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّـدِ.

بقلم : رشيد الخليل احمد ابريه .
 عرض الصورة في الرسالة