اخبار منوعة

اخبار الارض المحتلة

اخبار وطنية

الوحدة الوطنية ممارسة وليست شعار!

بقلم: حمادي محمد بابيت.HAMADI22
بعد رفض الشعب الصحراوي للوجود الإستعماري الإسباني في مظاهرات الزملة 1970 كان الثاني عشر من اكتوبر سنة 1975 م  يوما للوحدة الوطنية، لجمع شمل الصحراويين تحت لواء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب. و كان يوما عظيما حقا ، تنادت له الضمائر الحيّة من كل اتجاهات المعمورة مسلّمة رقابها لتنظيمها السياسي، الذي ما فتيء ان حلم به كل صحراوي تجري في عروقه روح الوطنية، خاصة من اثقل كاهله الإستعمار، و عناء الغربة الطويل، و التشرد في مداشر الحدود. 
إزدهرت الثورة و انار مشعلها اصقاع الأرض، و اوقدت نورا يهتدي به كل صحراوي طموح، لأن يرى شعبه يسير في درب واحد . وتحققت الأحلام التي واتتها الإرادة و القدرة و الصمود.
وها نحن اليوم، من بعد ثمانية و ثلاثين سنة ، نتحدث عن صمت القبور، نأتي إلى المخيمات فنراها في حلة دخيلة، و التي  كانت إلى عهد قريب تتنفس عبق الثورة و الثوار،  بصف مرصوص و معنويات مرتفعة، رغم إنعدام مقومات الصمود، و جشع  قيادة تصادمت فيها الأشواق و الأحلام، الرغبات و الصبوات، الهواجس و المخاوف، المطامح و المطامع إلى ان دق الخط الفاصل بين الطموح الجميل و الطمع القبيح، بين الدهاء المحمود والخبث المرذول، بين التدبير الذكي و المكيدة الدنيئة، بين الوحدة الوطنية و التفرقة المخفية.
وهاهي الثورة الآن تعزف فيها الريح انشودة : …وأنا يا اْلالي.
فمنذ أحداث 1988 م و حتى اليوم، ظهر تغييب منهجي للعقل السياسي الصحراوي عبر استيسلاب وعي المجتمع، واعتماد الشخصنة و الرؤية الديماغوجية في تشكيل الشخصية الحاكمة، مما ادى إلى إرتباط مؤسسات الدولة بأشخاص و تفردهم بتسييرها المطلق. و كأن الزمن  توقف عند حدود إرادة الحاكم في مرحلة اماتها  وقف إطلاق النار.
من هنا لم يتمكن السيد الرئيس و حكومته من تجاوز آنية المرحلة، و إلقاء نظرة على مستقبل القضية على إعتبار ان القضايا المساعدة في إستمرار الوحدة من منظورهم تبقى منوطة بإحكام وجوده على رأس السلطة، لأنه “لا توجد شخصية غيره مناسبة” (و هل بوفاته، لا قدر الله، تموت معه القضية الوطنية؟).
 وفي هذا النمط إلغاء كامل لحركة الثورة و الوحدة الوطنية و تقييدهما بشخص الرئيس الذي يبقى اسيراً لرغبات نرجسته. منظور لا يرى حياة للوحدة الوطنية ولا للوطن وٱهله إلا تحت الحكم للسيد الواحد الأوحد حتى وإن ادى ذلك إلى غرز سكين في ظهر القضية الوطنية، و التي غالبية جماهيرها و طواقم مؤسساتها فضلوا المهجر او حتى الإرتماء في احضان العدو هرباً مما شاهدوه من تفشي الفساد في صميم ثورتهم التي مدوها بعنفوان اعمارهم. فمن هذا المنظور تصر القيادة الحاكمة على تغييب الوعي من خلال تفشي سياسة القبلية و التنازع اللاعقلاني و الإنغماس في الذاتية.
 أليس من العجائب ان شعبا يرى ما قلّ ممتنعا عليه، و تُملك بإسمه قضية عادلة و ما من ذاك شئ في يديه، إنه الشئ و ضده!.
ولعل من أشد ما نعيشه اليوم من إنفكاك في صفوف الوحدة هو إصرار مدَّعِي السياسة على تغييب وعي الأفراد وحقنهم بداء النعرات و السلب و النهب و الأنانية، وكل ما يحبط  مقومات الوحدة الوطنية. و بالتالي يمكن للسياسيين الإستمرار، بين ظهورهم في شاشات الإعلام العالمية بالتصريحات المتناقضة، إلى تبني مقررات المسرحية، اقول  المؤتمر الفاشل، مرورا بالإعلان عن تغييرات بهتانية، إلى التهديد بالعودة إلى الحرب أحيانا، إلى الإرتجالية الأخيرة في توريث المناصب للأبناء، كل ذلك يدفع إلى إبقاء المواطن في حالة من التناقض والوهم في إستجلاء حقيقة الوضع الراهن الذي تشكلت منه فكرة الديماغوجية المتمثلة في النظام الحاكم الذي يبشر بإنجازات، يعلم أنها غير واقعية، ليحقن بها شعبا يفتقد للوعي، عله يمدد خدعته لمؤتمرات قادمة.
لكن الأدهى أن يصبح  الرئيس هو الجمهورية،هو الثورة، في حالة من الإستغراق الكامل “أنا الدولة و الدولة أنا”. قالها فرعون فأكله البحر.
 فبينما تقدم القيادة الرشيدة نفسها كصاحبة موقف ثابت من بناء الوحدة الوطنية و مشاريعها العملية، (من لا يتذكر خدعة منشور القبلية 1978 الذي أكل ليالي طوال من راحة المناضلين عبثاً،) و شبكات الإندساس الخيالية، و إتهام بعض المناضلين دون أدلة و لا محاكمة عادلة.
  نرى أن سلوك القيادة و طبيعة صراعاتها في الحفاظ على مصالحها تقف على النقيض من تلك الصورة التي تم تقديمها عبر وسائل الإعلام الرسمية التي ترسم أطروحاتها. من هنا يتجلى فشل القيادة في نشر سياسة (فرق تسد) و كان ذلك التصرف واضحا على إمتداد سنين الجمر بإعتبارها لا تقدم إنجازات ملموسة، بل مجرد ردات فعل للأحداث، بعد أن يتم تقويض مشروع الوحدة الوطنية التحرري و تحويله لمشروع ذاتي بحكم دكتاتوري يتجنب الشورى و الإنصات إلى العامة. فإن تُخطي الجماعة خير من أن يصيب الفرد، فإن اصاب مرة أخطأ مرات.
على الأمة أن تسعى بنفسها لتمكين وحدتها الوطنية و البحث عن مشروع تحرري جديد يسلك مسلكاً معاكساً لذلك الذي تسير فيه القيادة بفشالاتها و إقصاءاتها. أليست هي التي شطبت على فئات كبيرة من تركيبة المجتمع الصحراوي في ظروف عويصة، و التي لا داعي لذكرها هنا.    و لم يكن مخيم اكديم إزيك مثالا عظيما على وحدة الصحراويين ممارسة، و ليس شعارا فضفاضا كما تعوضنا من اوصياء القضية الوطنية.  
                                             عاشت وحدة الشعب الصحراوي المكافح