الواقع المرفوض.. وتحدياته
ـ تعتبر الجبهة الداخلية لشعبنا الأبي المقوم الرئيسي لصموده ضد الاحتلال المغربي وركيزة أساسية لصناعة انتصاراته، وتضرب الساحة الداخلية
في السنوات الأخيرة أخطارا ومظاهر سقم عديدة، ما
يشكل تهديدا حقيقا للوحدة الوطنية والسلم والوئام الاجتماعي، وعاملا ينخر الأمن والاستقرار، ويؤثر سلبا على مسيرة شعبنا المكافح نحو الحرية والاستقلال وبناء
الدولة الصحراوية المستقلة.
ـ كما طفت على السطح في السنوات
الأخيرة وبشكل متزايد ومخيف ظاهرة "التجنيس" وسياسة خلق "وطن
بديل" للصحراويين، في خطوة غير مفهومة الخلفيات والأهداف، فتم في إطارها ابتلاع
وتجنيس عشرات الآلاف من سكان مخيمات
العزة والكرامة في الجزائر وبصورة أقل في موريتانيا...، وقد سئلت عضؤ الأمانة الوطنية للجبهة الشعبية والوزير الأول عبد القادر الطالب
عمار عن خطر "تجنيس" و"توطين" الصحراويين، وذلك في إطار فعاليات الدورة التكوينية
الأولى للأطر، المنعقدة بمدرسة شبه الطبي في تاريخ 2011/07/21، فكان جوابه بنفي التأثير
السلبي لظاهرة "التجنيس"، وأردف قائلا، أن من شأنه (التجنيس) تخفيف معانات اللاجئين الصحراويين ـ بتصرف ـ، في إشارة واضحة لغياب رؤية موضوعية لمواجهة تلك الظاهرة التي تهدد جديا وحدة الشعب الصحراوي ومسيرته النضالية نحو الحرية والإنعتاق.
ـ كما يبرز من التهديدات البالغة الخطورة، ضعف
النمو الديمغرافي، وما يترتب عنه من مخاطر بالغة التأثير، فلم يتمكن النظام الصحراوي من خلق سياسة علمية
وعملية تعالج الموضوع، عاد بعض المبادرات الغير مدروسة والقصيرة العمر، والتي اعتمدت في مجملها على "الخلفية القبلية"
المقيتة، فتم توجيه شيوخ القبائل للضغط على قبائلهم لتسهيل شروط الزواج وضرورة تجنب البذخ في مراسيم القران، وهي السياسة التي لم تعمر طويلا، وكان فارق التطبيق فيها كبير من قبيلة لأخرى.
ـ ولوحظ أيضا، عجز السلطة الصحراوية عن خلق سياسات لاحتواء
الشباب وتحقيق تطلعاته ودمجه في مؤسسات الدولة، ماترتب عنه انتشار التذمر في أوساطه، ووصل بالبعض منهم حد الإرتمراء
في أحضان الاحتلال المغربي دون تبرير ذلك بطبيعة الحال، فيما أختار البعض الهجرة إلى
الخارج للبحث عن فرص أفضل. ـ
إضافة لكل ما سبق، فقد استشرى الفساد في أغلب مؤسسات الدولة وهياكل الجبهة الشعبية وفي مختلف القطاعات، ما آثر سلبا على الخدمات الأساسية المقدمة
للمواطنين، من أمن وصحة وتعليم ومعيشة...، وليست سرقة أسطول شاحنات المياه الأخيرة عنا ببعيد، كما يستمر نزيف هجرة
الأدمغة والكفاءات إلى الخارج، وما يخلفه من ضعف للكفاءات في المؤسسات،
زد على ذلك، العجز عن إيجاد سياسات لتأطير الجاليات الصحراوية في
مختلف تواجداتها، وغياب إستراتيجية لإعمار المناطق المحررة...
ـ وبالرغم من أن المؤتمر الثالث عشر
للجبهة الشعبية قد خرج بمقررات جادة لتقويم تلك الظواهر السلبية، وتطبيقها كان
كفيلا على الأقل بالتخفيف من مظاهر الضعف ومكامن النقص والخلل، فأوصى المؤتمر
مثلا، بتقوية المؤسسة العسكرية
والأجهزة الأمنية ودعم انتفاضة الاستقلال، كما دعا إلى تعزيز مقومات
الصمود، من تحسين للمستوى المعيشي والصحي وتطوير التعليم، وتفعيل دور القضاء، وخلق
هيئة رسمية لمحاربة الفساد وسؤ التسيير...، وللأسف الشديد بقية تلك القرارات الهامة مجرد حبر على
ورق ولم ترى النور قط، باستثناء إجراءات
محتشمة لم ترقى إلى مستوى تطلعات الشعب الصحراوي.
ـ وإيمانا منا بأن روح
النقد البناء لا تكتمل إلا بالبحث عن الحلول الموضوعية للسلبيات المسجلة، ولتجاوز هذا الواقع العليل والمرفوض، ولتجنب
انعكاساته التي من شأنها أن تؤثر سلبا على وحدة شعبنا وتعيق مسيرته نحو
الحرية والاستقلال، يتضح جليا، ضرورة أن يعمل النظام الصحراوي على تقويم الواقع
السقيم وإصلاح من حل بالجبهة الداخلية من نقص وخلل ومواجهة تحدياتها، من خلال، التطبيق
الفوري لمقررات المؤتمر الثالث عشر للجبهة الشعبية، وخلق سياسات عملية ومدروسة لمحاربة القبلية وتحجيم دورها في الحياة اليومية
للمواطنين، وإيجاد حلول موضوعية لظواهر "التجنيس" و"ضعف الزيادة
الطبيعية" و"هجرة الأدمغة"، والسعي لتقوية المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، ودعم انتفاضة الاستقلال المباركة بشكل أكثر فعالية
وشفافية، وتعزيز مقومات الصمود من ظروف معيشة وصحية وتعليم...، والعمل على تطوير
أداء المؤسسات، وتفعيل دور القضاء وإرساء قيم العدل والمساواة، إضافة لدمج الشباب في مؤسسات الدولة الصحراوية، ومحاربة المخدرات والتصدي للخارجين عن القانون و"المعتديين
القبليين" والعابثين بوحدة الشعب الصحراوي وأمن واستقرار مخيمات العزة
والكرامة، وضرورة محاربة الفساد وسؤ التسيير
ومعاقبة المفسدين...