اخبار منوعة

اخبار الارض المحتلة

اخبار وطنية

تفاقم ظاهرة العنف ضد المرأة بعد أن حولتها القوانين اللبنانية “الحلقة الأضعف”

 

عاد مؤخرا ملف العنف ضد المرأة ليتصدر واجهة الاهتمامات الاجتماعية في لبنان بعد تعرض امرأتين للضرب حتى الموت من قبل زوجيهما في ظل غياب قانون يحمي المرأة ويؤمن حقوقها، واختلاف آراء رجال الدين والجمعيات المعنية حول تفاصيل الملف الذي تحول طارئا مع ازدياد حالات النساء المعنفات وعدم قدرة القضاء اللبناني ان يكون حاسما في هذا المجال.
رلى يعقوب ومنال عاصي اثنتين من آخر ضحايا العنف الذي تتعرض له النسوة في لبنان.
يعقوب(31 عاما) والتي كانت أما لـ5 بنات، قتلها زوجها في منطقة حلبا شمال لبنان الصيف الماضي، نتيجة الضرب المبرح أمام بناتها، بعصا خشبية مخصصة للتنظيف، وقد رد سبب وفاتها لسقوطها على رأسها وتم اخلاء سبيله مؤخرا.
أما عاصي (33 عاما) أم لطفلتين كانتا في المدرسة عند مقتل والدتهما، فقد كان جزاؤها الموت لأنّها عارضت زواج زوجها للمرة الثالثة، فالمعتدي الذي يعمل نجاراً، ضرب زوجته بكل ما اوتي من قوة مستخدماً اواني المطبخ والكراسي والطاولات وعصي التنظيف. ولم يكتف بذلك بل اتصل بوالدة عاصي ليخبرها انه يقوم بضرب ابنتها، داعياً اياها ان تأتي لـ”الفرجة”. حين أتت الأم بصحبة ابنتيها وابنها كان الزوج قد انجز مهمة توجيه الضربات “القاضية” الى جمجمة زوجته.
ويرزح مشروع قانون العنف الاسري في أدراج مجلس النواب اللبناني بعدما أقرته اللجان النيابية بانتظار تحويله الى الهيئة العامة للتصويت عليه، في ظلال الحديث عن اعتراضات سياسية ودينية تجري لعدم ادراجه على جدول أعمال جلسات المجلس النيابي المعطلة حاليا جراء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلد.
وبحسب النائب اللبناني، عضو لجنة الادارة والعدل التي درست مشروع القانون، سمير الجسر فان قانون العنف الاسري بات جاهزا منذ فترة طويلة وهو اقر في اللجان المشتركة وتم التصويت عليه بالاجماع،  والعقدة تكمن بعدم التئام مجلس النواب، اذ من المفترض ان يقر عند انعقاد اول جلسة.
واشار الجسر لوكالة “الأناضول” الى ان  قانون العنف الاسري “من اكثر القوانين التي درست واعطى حقوق كثيرة للمرأة كما لجميع أفراد الاسرة”، نافيا وجود اي ضغوطات سواء دينية او سياسية حالت دون اقراره حتى الساعة.
وأوضح أن القانون ينص على “عملية اعادة تأهيل يخضع لها الزوجين بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية لحل مشاكلهم على اعتبار ان اكثر مشاكل الاسرة تقع نتيجة خلافات عابرة او سوء تفاهم.”
وأشار الى ان اهم ما يلحظه مشروع القانون، المساواة فيما يتعلق بعقوبة الزنا بين الجنسين فيما كانت بالسابق محصورة بالنساء فقط.
وشدّد الجسر على وجوب التنبيه إلى أن جرائم العنف الاسري ارتفعت نسبتها بالاتجاهين، “فهناك حالات عنف تقع على الرجل أيضا من قبل زوجته”.
ولا يلبي مشروع القانون، الذي قد يبدو للكثير من النساء خشبة خلاص يتقن إليها، طموح الجمعيات النسائية التي تعنى بقضايا المرأة.
“كفى عنف واستغلال” هي إحدى الجمعيّات اللبنانية المستقلة التي تقدم للنساء المعنفات خدمات قانونية ونفسية وتواكبهن اجتماعيا.
وأشارت ليلى عواضة، المحامية في الجمعية، إلى أن لهن تحفظات على صيغة مشروع القانون الجديد، خاصة فيما يتعلق بشق الحماية.
وأوضحت عواضة لوكالة “الأناضول” أن الصيغة الجديدة باتت تتحدث عن حماية تشمل جميع أفراد الأسرة “فيما نصر نحن على تخصيص الحماية للنساء”.
وتابعت “الشق الثاني متعلق بالاطفال، إذ نطالب نحن بحماية الأم وأطفالها، فيما ربط مشروع القانون حماية الأطفال بسن الحضانة”.
أما التحفظ الثالث للجمعية، فيكمن بعدم تجريم الاغتصاب الزوجي.
ولفتت عواضة إلى أن جمعية “كفى” تتعاون حاليا مع قوى الأمن الداخلي بخطوة استباقية لإقرار القانون، إذ “يتم تدريب العناصر على كيفية التعاطي والتدخل في حال وجود عنف داخل الأسرة”.
وفي ظل غياب الإحصاءات الرسمية حول عدد النساء المعنفات في لبنان، تؤكد جمعية “كفى” أنّهم يستقبلون حوالي 300 سيدة معنفة في العام الواحد، فيما يرصدون مقتل امرأة شهريا جراء العنف الأسري.
وترفض الأديان السماوية كافة تعنيف النساء سواء أكان جسديا او معنويا، ولكن دار الافتاء في لبنان لا تؤيد مشروع القانون المطروح حاليا لـ”مخالفته” في بعض بنوده نصوص القرآن الكريم.
وأوضح الشيخ في دار الإفتاء اللبناني وفيق حجازي أن الدين الاسلامي أوجب أن يكون التعامل بين الزوجين قائما على المودة والرحمة والسكينة والألفة.
وقال حجازي لوكالة الأناضول: “لا يليق بزوج أخذ على عاتقه القوامة على زوجته بما أوجب الله عليه، بأن يسيئ عشرتها أو أن يضربها أو يهينها”.
وأضاف “هناك من يقول إن القرآن الكريم قد شرع ضرب النساء بحسب الآية “وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ”، لافتا إلى أن هذا الفهم خاطىء على اعتبار أن “المعنى هنا هو من باب المداعبة وليس من باب الأذية التي تؤدي إلى حد القتل في بعض الأحيان.”
وأشار حجازي إلى أن “الإسلام أوجب التعامل الحسن بين الزوجين القائم على الرحمة والألفة، فلا يليق أن يعنف احد الزوجين الآخر سواء الزوج او الزوجة، والنبي هو خير مثال يحتذى و يقتضى به في التعامل الأسري”.
أما فيما يخص قانون العنف الاسري، فلفت حجازي الى ان الاسلام ضد العنف بجميع اشكاله إلا أن ما يسمى بقانون العنف الأسري فهو يتضمن مواد تخالف الشريعة الإسلامية و”نحن لا نرضى بقوانين تخالف ديننا”.
أما عن المواد المخالفة للشريعة الاسلامية، ذكر حجازي “حق الحضانة وتربية الأطفال إضافة إلى العدّة بين الزوجين”، لافتا إلى أن “القانون بمواده هذه مخالف للاسلام لذا لا يمكن أن يقبل به”.
من جهته، أكّد مدير المركز الكاثوليكي للاعلام، الأب عبدو أبو كسم، رفض الكنيسة لأي شكل من أشكال العنف الذي قد تتعرض له المرأة لأنه بمثابة “تعنيف للكرامة الانسانية”.
وأشار أبو كسم إلى أنه، وبحسب الكنيسة، لا يوجد أي فرق بين الرجل والمرأة،  فـ”كرامة المرأة من كرامة الرجل وهما متساويان، لها من الحقوق وعليها من الواجبات ما للرجل من حقوق وواجبات”.
وأوضح أبو كسم في حديث مع وكالة “الأناضول” أنه وفي مفهوم سر الزواج المسيحي “يصبح الرجل والمرأة جسدا واحدا، وبالتالي لا يحق لأي من الزوجين أن يعنف الآخر أو أن يهين كرامة الآخر أو يتعدي عليه”.
وطالب بضرورة وجود قانون يحمي المرأة، “لأن الكنيسة تقف دائما إلى جانب المستضعفين وتدعو لإصدار قوانين تحمي المرأة من العنف الاسري”، لافتا إلى أن الكنيسة تؤيد إقرار كل القوانين التي تحمي كرامة الإنسان .
ورأى أبو كسم ان وجود قوانين مثل هذه قد تحمي المرأة ولكن ما يحميها أكثر هو التربية منذ الصغر على وجوب احترام الانسان أكان ذكرا أو أنثى، “لأن هناك عقلية ذكورية في بلادنا.”
وتبقى المرأة اللبنانية الحلقة الأضعف، في ظل غياب قوانين تحميها وتؤمن حقوقها، فإلى جانب مطالبتها بقانون يضع حدا للعنف الذي تتعرض له، تطالب ومنذ سنوات طويلة بقانون يسمح لها بإعطاء الجنسية لأولادها من أب غير لبناني.المصدر:الاناضول