اخبار منوعة

اخبار الارض المحتلة

اخبار وطنية

من قال أن للتاريخ من يحكيه؟

212بقلم : سيدي علال حيماد
لقد مرت أزمان واندثرت حضارات عبر تاريخ البشرية منذ العصور الحجرية إلى عصرنا الحديث و تتوالى الأحداث و يقال كانت هناك أمم ومرت من هنا شعوب ودفنت هنالك أقوام, هكذا تستمد الذاكرة البشرية ميزة الديمومة من خلال الحلقة الدائرية التي تسير في فلكها و لعل ابرز وسيلة و أنجع طريقة اكتشفها العقل البشري لحفظ هذه الذاكرة هي “الكتابة” وما أدراك ما الكتابة فالقران الكريم في لوح محفوظ ومن قبله جاءت الكتب المقدسة مع أول العزم من الرسل و التي حملت من العلم ما يعجز عن حمله عامة الناس في قلوبهم , الكتابة و إن كانت قيد وثيق لصيد ثمين فهي أيضا القرينة البسيطة المرادفة بصفة تلازمية للتاريخ الذي تضعه بين أيدينا لنتصفحه و نقلب أوراقه لنفهم دروسه و لنتعظ من عبره  وكذالك لنتقبله بسلبياته و ايجابياته فلا يحق لنا التصرف فيه حسب الهوى لان الفعل الماضي لا يجوز أدبا تصريفه في الحاضر, ولطالما ردد بعضنا عبارة” للتاريخ من يحكه” دون أن نتفطن لوزن الكلمة أو أن نشعر بعظمة وقعها فا كما يقال لا يضر الشاة بعد موتها السلخ, والسبب يرجع في انعدام الفهم الصحيح لهذه العبارة و تفشي ظاهرة الانسلاخ من المسؤولية التاريخية التي تقع على كاهل كل من يحمل تأشيرة المثقف سواء كان ذالك عن طريق الصفة أو الاكتساب, والواقع اليوم يفرض علينا عدة أسئلة لابد بالضرورة من البحث لها عن إجابات مقنعة , فلماذا نجد اليوم من يقزم لنا تاريخ الشعب الصحراوي و يحصره في أحداث معينة بذاتها? و لماذا يسود كل هذا الجهل الرهيب عن حقائق تاريخنا المجيد? و هل يكمن العيب فينا لعدم البحث في التاريخ و تدوينه و تدريسه و نشره و ترسيخه كثقافة وتراث للحفاظ على الهوية ?أو هل سرق تاريخنا أو سلب أم أن هناك من استثمره لصالحه و عرف كيف يستغله?
يقول المنطق أن من ليس له تاريخ ليس له حاضر ومن ليس له حاضر يستحيل بقوة المنطق نفسه أن يكون له مستقبل, ولا اعرف سببا يمنعنا من البحث في تاريخنا و لا عذرا يمنعنا من تمجيد ملاحمه و الاستفادة من تجاربه لكي ينير دربنا ويكون زادا لنا وعون لشحن الهمم و اكتساب الروح المعنوية في مسار التحرير ,أي نعم فانحن شعبا حمل هم الدنيا بأسرها وتركته الأقدار في وجه العاصفة لوحده ويرجع ذالك لكون أجدادنا الذين لم يؤمنوا بالحدود الموروثة حاليا عن الاستعمار و نصبوا أنفسهم حماة الحمى و انتهجوا سياسة الجهاد ضد “النصارى”كما أسموهم أي الغزاة الفرنسيين في الصحراء الغربية ,و لعل معركة (ميجك )1933على سبيل المثال لا الحصر خير دليل على ذالك وفي موريتانيا نذكر نموذجا خالدا وحربا دروسا تم من خلالها إبادة جمالة حامية ادرار عرفت بمعركة(توجنين)06/09/1931وفي شمال مالي لقن أجدادنا الفرنسيين درسا لن ينسوهم في معركة (القاطرة)24/05/1912وذالك بشهادة الفرنسيين أنفسهم هذه المعارك ظلت راسخة بتسمياتها و أبطالها غيران شرفها ينسب حاليا لقوم عرفوا قيمت التدوين و استفادوا من تفريط أهل الحق بحقهم
إن هذه الأمثلة القليلة لتستدعي منا تخليدها و البحث في خباياها وتستوجب علينا التأليف عنها كواجب تحتمه المسؤولية التاريخية و كحق للأجيال القادمة علينا أن نوصله لهم بكل ما تقتضيه الأمانة العلمية و الأخلاقية.
أما التاريخ المرصع بدماء الشهداء الذي رسمه الشعب الصحراوي من خلال مجابهته للعدو الاسباني و بعده للغزو المغربي و الموريتاني والذي كان من ضمن نتائجه انسحاب هذا الأخير من معركة خاسرة كلفته الكثير و رضوخ الاحتلال المغربي تحت أزيز الرصاص ولجوءه للأمم المتحدة طالبا تسوية النزاع عن طريق الاستفتاء ,فهو نضال لم يجف عرقه و كفاح مازال مستمرا من اجل الكرامة ونيل الاستقلال.
إن رحيل أجيال الثورة ومن عايش الأحداث التاريخية لشعبنا في كفاحه من اجل الحرية ضد جميع الغزاة و القوى الاستعمارية دون توثيق شهاداتهم لهو خطاء فادح يرتكبه هذا الجيل الشاب والمثقفون الصحراويين و تشاطرهم في ذالك الجهات الوصية المختصة………!!!!!
إذا الوضع يستوجب وقفة مع الذات لتحديد الأولويات وتدارك الأخطاء, لأنه ليس من الحكمة والصواب مواجهة المستقبل بيدا فارغة و أخرى لاشيء فيها.