اخبار منوعة

اخبار الارض المحتلة

اخبار وطنية

أهبط إلى تندوف

سعيد زروال - avatarتنبيه : عنوان المقال تم اقتباسه حرفيا من كلمة العاهل المغربي بمناسة ذكرى المسيرة السوداء.
قبل خطاب الملك المغربي الاخير اذاعت القناة المغربية الاولى شريطا وثائقيا عما يسمونه بذكرى المسيرة الخضراء-السوداء، واستعرض الشريط ماسماها بذكريات تلك المسيرة المشؤومة على الشعبين المغربي والصحراوي، واظهرت الصور مئات الشاحنات التي كانت تحمل اولى دفعات المستوطنين المغاربة، وبقدر الألم الذي ينتاب اي انسان بعد رؤيته لتلك الصور الا ان الصمود الاسطوري للشعب الصحراوي القليل العدد في وجه مثات الالاف من المستوطنين وفي اصعب بقاع الارض طبيعة ومناخ ينسي المشاهد الكثير من الهموم التي فرضتها سنين اللجوء الصعبة على الشعب الصحراوي. وهو الصمود الذي لازال يحتم على مهندسي تلك المسيرة السوداء في الرباط المغربية والرياض السعودية اعادة النظر في الشعارات التي رفعوها في وجه شعب اعزل تم تقاسمه في وضح النهار، وهو التقسيم الذي يظهر حقيقة المسيرة واغراضها التي تتناقض والشعارات التي يرفعها نظام المخزن المغربي. فالف شكر وتقدير بهذه المناسبة لمن تكبد عناء المحن طيلة السنوات الاولى للثورة الصحراوية وهي السنوات الاصعب اذا ماقورنت بالاوضاع التي تلتها.
بالعودة الى الخطاب الذي لم يتعدى 10 دقائق وكان صاحبه مرتبكا ويتصبب عرقا ولم يفرق بين “تهريب المواطنين” و “ترهيب المواطنين” شأنه في ذلك شأن بوق المخزن الشهير مصطفى العلوي الذي لم يفرق بين “عيد الولاء” و “عيد البلاء” اثناء تعليقه على حفل الولاء هذا العام، وبعيدا عن السمفونية التي تعودنا عليها منذ اكثر من 38 سنة والتي كانت مرتكزا للخطاب، استرعى انتباهي جملة مميزة جاءت على لسان العاهل المغربي وهي “من يريد المزايدة على المغرب، فعليه أن يهبط إلى تندوف” وكان يقصد موضوع حقوق الانسان بمخيمات اللاجئين الصحراويين ولن اكون في هذا المقام مدافعا عن اي كان او محرفا للحقائق الا انه من الواجب الاعتراف بانه لامجال للمقارنة بين حقوق الانسان بالمناطق الصحراوية المحتلة وبمخيمات اللاجئين الصحراويين بمنطقة تندوف الجزائرية، ففي المناطق المحتلة هناك سياسة شبه ممنهجة لاسكات اي صوت يحاول الدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال، بينما يحق للمواطن في مخيمات اللاجئين التعبير عن رأيه بكل حرية وان كانت هذه الحرية محدووة بسبب بعض التصرفات الفردية لاشخاص داخل النظام الصحراوي لازال اصحابها بفكرون بعقلية الحرب الباردة وللاسف ان بعض أرائهم وافكارهم البالية والهدامة تصل الى اسماع الكتابة العامة.
كما انه لم يسبق وان طرد اي وفد دولي او حقوقي من مخيمات اللاجئين الصحراويين بينما يشهد مطار مايسمى بالحسن الاول بالعيون المحتلة على العديد من حالات الطرد التي طالت برلمانيين وصحفيين هدفهم هو نقل الحقيقة الى الرأي العام الدولي بكل موضوعية ودون انحياز لاي طرف.
تشكيك المغرب في نزاهة المنظمات الدولية على لسان العاهل المغربي وهي منظمات اعترفت جميعها بانتهاكات حقوق الانسان بالمناطق الصحراوية المحتلة باستثناء منظمة اللبنانية “رويدا مروة” المعتمدة من قبل الرباط والتي لها رأي مخالف عن واقع حقوق الانسان في الاراضي الصحراوية، ولاندري ان كانت منظمتها التي لاشغل لها الا الدفاع عن وجهة النظر المغربية تمول نفسها ذاتيا ام ان الفضل يعود الى خزينة الرباط التي وصلت هباتها المالية السخية الى دولة الدومينيك بالكاريبي، وهي الدولة المجهرية التي اعلنت عن قرار تجميد اعترافها بالدولة الصحراوية بعد اسبوع من اعلان افتتاح منتجع سياحي بمواصفات عالمية بتمويل مغربي بلغت تكلفته الاجمالية 150 مليون دولار.
وحتى لانترك مجالا يستطيع من خلاله العدو المغربي ان يوجه سهامه الى ساحتنا الداخلية خاصة في الجانب الحقوقي يجب على النظام الصحراوي معالجة بعض الاشكالات والاخطاء الفردية البسيطة حتى لاتصبح المبرر الذي يحاول من خلاله العدو المغربي ان يحول هزيمته في مجال حقوق الانسان الى انتصار على حساب الشعب الصحراوي. ولمواجهة ذلك ينبغي :
- اولا : إلاء اهمية للحوار “الصحراوي-الصحراوي” والتحلي بالتواضع خاصة من القيادة الوطنية امام المطالب الشعبية بمخيمات اللاجئين الصحراويين حتى لاتصبح هذه المطالب ككرة الثلج التي يصعب السيطرة او التحكم فيها.
- ثانيا : ايجاد حل لقضية الملفات السوداء لبعض قيادتنا الوطنية لانه لايعقل ان نطالب باحترام حقوق الانسان من قبل اناس متهمون بانتهاك هذه الحقوق.
- ثالثا : تقوية دولة المؤسسات ووضع حد للفوضى التي مكنت بعض القادة من التدخل في عمل بعض المؤسسات الوطنية الخارجة عن دائرة اختصاصهم  وعلى رأسها مؤسسة القضاء التي يجب ان تبقى فوق الجميع بمن فيهم اصحاب الرقم الهاتفي المميز 061.
- رابعا : وضع حد لثقافة تجريم وتخوين الاصوات المعارضة للقيادة والتي ينبغي تقبلها في اطار شعار الديمقراطية الذي يرفعه النظام الصحراوي.
ان التزام النظام الصحراوي بهذه النصائح ستجعل من ملك المغرب اذا ما “هبط الى تندوف” ان يعود بخفي حنين لكن التهاون في معالجتها قد تحولنا من ضحية الى جلاد خاصة وان المغرب له تجربة في السياسة التي تجعل “من الحبة قبة”.
استرعي انتباهي كذلك في خطاب الملك المغربي محاولة ربط موقف بعض الدول الافريقية بالعامل الروحي اي ان نظام المخزن يحظى بمكانة خاصة تصل الى حد التقديس لدى بعض الشعوب الافريقية وهي نظرية اصبحت متجاوزة خاصة ان العالم اصبح في عصر العولمة ولم يعد يؤمن بالنظريات الميتافيزيقية التي اكل عليها الدهر وشرب.
الجديد في خطاب الملك المغربي هو اهتمامه المفاجيء بالثقافة الحسانية بعد ان قرر الملك المغربي ادراجها ضمن الثقافات المغربية . ولاندري عن اي ثقافة حسانية يتحدث بعد ان اصبحت اللهجة الحسانية متخمة بكلمات غريبة من قبيل ” دابا، بحرا، مزيان، الصحة لاباس، افهمتيني والا لالا؟” ويبدو ان معضلة القضية الصحراوي التي لايعرفها الملك المغربي تكمن في التساؤل الاخير وجوابه بكل بساطة ان الشعب الصحراوي لم يفهم المغاربة ولن يفهم المغاربة طالما بقي الخطاب الرسمي المغربي مجانبا للواقع والحقيقة وهو ما اثبته الخطاب الاخير لملكهم محمد السادس.